الاثنين، 20 فبراير 2017

ولد نافع...أحد رموز العلم والصلاح بجيكني



يعد العلامة الراحل إدوم ولد محمد الحاج ولد نافع أحد رموز العلم والصلاح في مقاطعة جيكني كبرى ولايات الحوض الشرقي بموريتانيا حيث ملأ الدنيا وشغل الناس طيلة حياته.


ولد العلامة الراحل في مقاطعة جكني في حدود 1930 ميلادية تقريبا، درس في المدارس القرآنية والجامعات البدوية (المحاظر)، ومنها محظرة العلامة "محمد بن المحفوظ ولد دهمد"، التي أجيز فيها عن حفظ القرآن الكريم وفنونه ومتون الفقه بجميع مذاهبه والنحو والصرف والبلاغة، كما درس على مجموعة من الحفّاظ منهم "حماه الله بن شيخنا" القلاوي، و"الطالب أحمد ولد سيدي ولد غلام الشهير بالطالب أحمد ولد مامه" والحافظ "اماه بن محمد سنه" القلاوي البكري، و"محمد غلام ولد شيخنا" و"الداه ولد الصديق...".



سافر إلى الحج من بوادي الحوض الشرقي مبكرا سيرا على الأقدام وشمل خط سيره موريتانيا ومالي والسودان ومصر مرورا باتشاد ونيجيريا والنيجر، أقام فترة نهاية الخمسينيات وبداية الستينيات من القرن العشرين في مكة المكرمة والمدينة المنورة، حيث استزاد من علماء الحرمين الشريفين، ثم رجع إلى موريتانيا في بداية السبعينيات حيث عمل قاضيا ومصلحا اجتماعيا.


.

تصوّف الراحل وأصبح مقدما للطريقة التيجانية الحموية في مدينة نيورو بشمال جمهورية مالي، اشتهر بمناقشاته ومساجلاته الفقهية والعلمية مع علماء وفقهاء زمانه.

من تآليفه المشهورة: "زينة البلغاء في جواز مد الهاء من لا إله إلا الله" وهو مخطوط قرظه أشهر علماء الحوض وهو القاضي العلامة الشيخ المحفوظ ولد بيه رحمه الله، والد العلامة الشيخ عبد الله ولد بيه رئيس المركز العالمي للتجديد والترشيد بلندن، و"صلاة الجمعة بين الجواز والمنع" و"الرد على منكري التوسل والوسيلة".

وللراحل عدد كبير من الفتاوى والبحوث الفقهية المخطوطة التي لم تحقق بعد، توفي رحمه الله تعالى وهو صائم في يوم الأربعاء الثاني من رمضان 1426هـ (2005)


 وقد رحل تاركا وراءه قلوبا تتقطع على رحيله، فقد كان رجلا ليس ككل الرجال، ربى فأحسن التربية وعلم فأتقن وتفنن

كان رحمه الله مدرسة في التسامح والصفاء الروحي لا يضمر لأي إنسان كان شرا يحب الجميع.

رحماك يا رب العباد رجائي ورضاك قصدي فاستجب لدعائي اللهم أكرم وفادته عليك واعل مكانته عندك في أعالي جنانك يا أرحم الراحمين وأجزل له المثوبة واختر له صحبة الأصفياء مع الذين أنعم الله عليهم من النبيئين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا، واخلفه في عقبه واجعلهم خير خلف لخير سلف.

وقد مدح الراحل الكثير من العلماء والحفاظ وأثنوا على مقامه ومرتبته ومن ذلك العلامة الفقيه الحوضي التجاني بن سيدي بن خير الشاعر المبدع والأديب اللوذعي المصقع الذي قال فيه:

دعتك بعيد الشيب نحو الصبا ليلى
 بوعد وما تدعو له أوجب الميلا
إليه لحسن وجهها وأناتها
ومبسمها الألمى ومنطقها الأحلى
 من الراح في كأس رقيق معلل
بصهباء لم تترك لشاربها عقلا
وحلي به تزهو وكشح مخصر
وكفل متى تمشي يثبطها ثقلا
فقالت لنا في الوصل وقت محدد
 إذا رمته قد حان قلت لها كلا
أعوذ بوصل الشيخ منك فإنني
بغير وصال الشيخ لا أبتغي وصلا
 إدوم وقاه الله من شر حاسد
خبيث بنار الحسد أحشاؤه تصلى
فتى أفحم الأعداء حين تظاهروا
 بإنكارهم للحق إذ أنكروا جهلا
له مجلس في حل كل عويصة
وفى الوعظ والتلقين كان له مجلى
 وإن قال قولا جاء بالحق طبقه
 لئلا يتكون الحق في قوله هزلا
يصدق ما قد قاله بفعاله وفاء
ونعم القول إن طابق الفعلا
توسمت فيه الخير لما رأيته
وقد كنت مذ دهر مضى أسأل المولى
يعجل للأقوام إتيان مرشد يعلمها
 الآداب والفرض والنفلا
ويحيي طريق الحق بعد اندراسها
ويقطع في إحيائها الحزن والسهلا
 فجاء بحمد الله وفق مرادنا
يوصل بالتجديد من قارب الفصلا
 يؤيد ما قد قاله في جوابه من
السنة الغراء أو آية تتلى
ومشربه بحر عميق غطمطم
 يسود الورى فضلا وقد سادهم عدلا
 وأبناؤه الأشبال لا زال صيتهم
وأحسابهم تعلو إلى الملإ الأعلى
وأزكى صلاة الله ثم سلامه
على من به الرحمان قد ختم الرسلا
مع الآل والأصحاب ما قال منشد
دعتك بعيد الشيب نحو الصبا ليلى.




وبوفاته ترجلت هامة علمية سامقة ملأت الآفاق علما وحلما وزهدا وورعا وتقى، إنه العلامة العارف بحر المعارف الغوث المكاشف، ذو المواهب السنية والفتوحات الربانية، الحائز لعلم الأصول والفروع، الجامع بين المنقول والمعقول، قطب رحى العلم وشمس ضحى التصوف ومعينه الزلال، دوحة المكارم وظلال المآوي الوارفة، الجامع بين الشريعة والحقيقة، سليل الصلحاء الأتقياء الأصفياء، الشيخ المربي المصلح الرئيس إدوم ولد محمد ولد الحاج ولد نافع ولد الأمين ولد الحاج عبد الرحمن ولد الحاج الأمين التواتي القلاوي الشنقيطي البكري الصديقي المالكي مذهبا والأشعري عقيدة، الجنيدي طريقة، الحوضي سكنا ومقاما (الحوض الشرقي أقصى الشرق الموريتاني)، ينتهي نسبه إلى الصحابي الجليل أبي بكر الصديق رضي الله عنه.


المصدر: مقال للدكتور: مولاي لحبيب ولد نافع

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق